زيارة المريض والستر فى الدنيا

قال الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله في كتابه الصحيح ( 6069 ) : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « كُلُّ أُمَّتِى مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً ، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ ، فَيَقُولَ يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ » .

كل بني آدم خطاء ، غير أن الناس في الخطء على نوعين ، مجاهر ومستتر :

أما المجاهر فإنه غير معافى من مغفرة الله تعالى له هذا الذنب ، بل يوافي الله تعالى وذنبه أما عينيه .

أما المستتر فقد ورد في شأنه عدة أحاديث :

أولا : قال الإمام مسلم رحمه الله في كتاب الصحيح ( 6759 ) : حَدَّثَنِى أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ الْعَيْشِىُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ - يَعْنِى ابْنَ زُرَيْعٍ - حَدَّثَنَا رَوْحٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِى الدُّنْيَا إِلاَّ سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».

ثانيا : أخرج الإمام أحمد في المسند بإسناد حسن عن أم المؤمنين عَائِشَةَرضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلَاثٌ أَحْلِفُ عَلَيْهِنَّ، لَا يَجْعَلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ، وَأَسْهُمُ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةٌ: الصَّلَاةُ، وَالصَّوْمُ، وَالزَّكَاةُ، وَلَا يَتَوَلَّى الله عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْمًا إِلَّا جَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعَهُمْ، وَالرَّابِعَةُ لَوْ حَلَفْتُ عَلَيْهَا رَجَوْتُ أَنْ لَا آثَمَ : لَا يَسْتُرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِذَا سَمِعْتُمْ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ مِثْلِ عُرْوَةَ

ثالثا : قال الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الصحيح ( 2441 ) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى قَتَادَةُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِىِّ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِى مَعَ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - آخِذٌ بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ ، فَقَالَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّجْوَى فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ يُدْنِى الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ، وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَىْ رَبِّ . حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِى نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِى الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ . فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ ، أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ »

رابعا : أخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد ( ص 127 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : يدني الله العبد يوم القيامة فيضع عليه كنفه فيستره من الخلائق كلها ، ويدفع اليه كتابه في ذلك الستر ، فيقول : اقرأ يا ابن ادم كتابك ، قال فيمر بالحسنة فيبيض وجهه ويسر بها قلبه ، قال فيقول الله عز و جل له تعرف يا عبدي ؟ فيقول نعم اي رب اعرف ، قال فيقول فاني تقلبتها منك ، قال فيخر لله ساجدا .
قال فيقول ارفع رأسك يا ابن ادم وعد في كتابك ، قال فيمر بالسيئة فيسود وجهه ، ويوجل منها قلبه فيقول الله عز و جل اتعرف يا عبدي ؟ قال فيقول نعم يا رب اعرف ، قال فيقول اني قد غفرتها لك .
قال فلا يزال حسنة تقبل فيسجد ، وسيئة تغفر فيسجد ، ولا يرى الخلائق منه الا السجود .

قال حتى ينادي الخلائق بعضها بعضا طوبى لهذا العبد لم يعص الله قط ، قال ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين الله مما قد وقفه عليه.
وهذا إسناده حسن .

نسأل الله أن يسترنا في الدنيا والآخرة .